الأستاذ

الأستاذ

المؤلّف:
تاريخ النشر:
٢٠١٧
عدد الصفحات:
٣٨٦ صفحة
الصّيغة:
١٥٠
شراء

نبذة عن الكتاب

في أي مساء يخطر ببالك أن النوم هو الوسيلة الوحيدة لاستعجال الصباح القادم، على وسادتك المنتظرة منذ أن فارقتها في الصباح تعود لتضع رأسك المُثقل بأعباء يومٍ كامل, يومٌ في جوٍّ مضطربٍ مشحون, متثاقل الثواني يمضي, يُشعرك بارتياب لمجرد تفكيرك ببطئه.
تُغمض عينيك, تُرى ماهي أولى الصور التي تراها؟ ماهي أولى الصور المفرزة مما خزّنته ذاكرتك, كي تتفرغ على تلك الوسادة المنسية؟ وسادة تعرف كل أسرارك. خباياك. وتناقضاتك, ترى, ما هو أول فرح و أول ألم؟ تُراك من الصنف المتفائل أم المتشائم؟
فجأة وبين كل هذه الأفكار يُقطع التيار الكهربائي, ويبدأ صوت الجوار فضجّة أجهزة التلفاز ومكبّرات الصّوت طغت على أصوات امهاتٍ يدرّسن أولادهن, أو آباءٍ في سنٍّ متأخّرةٍ يتناقشون مع أولادهم الشباب الّ إمّا يستعدون للتجنيد في صفوف الجّيش, أو أنّهم يدرسون في كلّيّة من كليّات الجّامعة استعدادا لشقّ طريق الحياة وفي كلتا الحالتين هناك الكثير في جعبة العجائز لقوله ودائم الدّوم هُناك نصيحة مُستنبطة أو خلاف قابل للنقاش.
سمعت من بعيد صوتا استوقفني وهذا الّذي ألهاني عن السؤال الّذي طرحتُهُ عليك بدايةً, صوت كمانٍ يتماشى مع نسائم المساء, كمانٍ يعزف بخجلٍ خشية الإزعاج في هذا الوقت المتأخّر, حياء أنثى يُنطق هذا الكمان, قفزتُ فورا إلى الشُّرفة, بحثا عن مصدر الصّوت, لكنه توقف ولم أعرف السبب, لم أعرف من أين مصدره, كل ما أعرفه أنها تقاسيمٌ لشخصٍ مبتدئ، لكنّه رائعٌ في ظلّ هذا الحي, شيءٌ متميزٌ في ظلّ هذه الفوضى, ساحرٌ في ظلّ الضّجيج العشوائي, عدتُ إلى الوسادة المنتظرة بعجز, ثنيتها تحت إبطي وجلستُ على السرير, الذي هو غرفة الطعام وغرفة الجلوس وغرفة النّوم خاصتي, فهو كلُّ أثاث بيتي, حتى أني عندما أنفرد بآلة العود كي أعزف عليها, أجلس على السرير, جلبت منفضة السّجائر عن الطاولة ذات الصندوق الحاوي على أشيائي الثمينة حيث كانت ممتلئة لم أُفرغها منذ الأمس, كل عقبٍ فيها لو تسأله يروي فكرة لم تنطقها شفاهي, أو يغنّي لحنا عزفتُه على أوتار عودي, وضعتُ المنفضة أمامي واستلّيتُ سيجارة من تلك العلبة التي أصبح وجودها في جيبي بشكلٍ دائم خطر يهدد معيشتي, نعم سيدي إنه أفضل المنعكسات من الواقع الحالي على حياتنا, فإمّا أن تقلع عن التدخين كي تأكل أو أن (تزيد) دخلك أو بالأحرى (تضاعف) دخلك كي تدخّن.
ورجلٌ مثلي لا يجيد السّرقة, حيث أنّها أصبحت مهنة تحتاج مهارة خاصّة وليست تهمة أو مذمّة, سيسعى لعملٍ مُتعبٍ آخر كي يأكل, فالتدخين أمرٌ مفروغٌ منه بالنسبة إلي لذلك كانت خياراتي معكوسة, فإما أن أموت من الجوع لأني لا أستطيع إلا أن أدخّن, أو أن أضاعف دخلي بشكل يكفيني حتى لا أموت من الجوع.
أشعلت سيجارتي بعود الكبريت قبل الأخير في تلك العلبة الفقيرة التي تخشى المطر, نعم. عند نظري إليها هذه المرّة, استنتجت وجود اشياء في حياتنا تخشى المطر.
وفي مذهبي الخاص إنّ ما يخشى المطر لا ينتمي لأسرة الأحرار وليس من الأشياء الجميلة, لست متطرفا إلى هذا الحد عادةً؛ لكن المطر صديقي, لطالما جلست وحيدا تحته حيث كانت الناس تجري إلى أوكارها وأنا الوحيد الذي استحملت غضبه حتى يهدأ, كنت أعود وكأنني صالحت حبيبتي, كيف للكبريت أن يخشى حبيبتي وخاصة عندما تهطل في الربيع, تلك الأمطار الهادئة في الجو المعتدل, استهجنتُ أفكاري وهربت منها حتى تلك الذكريات شطبتُها.
لطالما قال لي والدي
عرض ١-١ من أصل ١ مُدخل.
no one
no one
١٦، ٢٠٢١ يوليو
عجبتني القصه والسرد ، عموماً الكتاب حلو و انصحكم فيه