سلالم ترولار

تعتبر رواية "سلالم ترولار" للروائي الجزائري سمير قسيمي، رواية جريئة تعيد صياغة تاريخ الجزائر السياسي والتاريخ العربي بأسلوب ساخر، ترتكز مادته على عوالم فانتازية تُجاري الواقع. هذا الواقع الذي يخرج عن حدود المخيّلة، حيث صنع خيال الكاتب واقعا موازيا يتفوّقُ فيه على لهو الشعوب العربية في ربيعها المهشّم، فينشئُ ملحمة ساخرة، تُشبه ملاحم الأدب الكبرى التي تقع وجها لوجه مع السياسة.
وقد بنى قسيمي روايته على فكرة تعرّض دولة إلى ظاهرة غريبة ومفاجئة، أفرزت حالة من البلبلة والاختلال والفوضى والهلع والخروج على الأنظمة والقوانين، وأحدثت تخبّطا وارتباكا في المجتمع والسلطة الحاكمة، هذه الظاهرة التي حدثت فجأة واختفت فجأةً، غيّرت من طبائع البشر أيضا مع تغيير أنماط معيشتهم وأفكارهم ونظرتهم إلى الوطن والهويّة والانتماء والحياة عموماً.
وطريقة قسيمي في إعادة عرض هذه الفكرة، كانت مبتكرة وجميلة ولافتة، وذلك حين تختفي الأبواب والنوافذ من المدينة فجأة، وتنكشف الحيوات على بعضها بعضاً، وتزول جوانب كبيرة من الخصوصيّة، والحدود بين الطبقات (الأسياد – الآلهة والعبيد)، ونشوء حالة الهلع والذعر التي انتابت الأسياد – الآلهة من تبعات هذه الظاهرة على مكانتهم ومقاماتهم وتهديدها إمساكهم مقاليد السلطة والحكم في البلاد، هذه الظاهرة التي تستمرّ فترة وجيزة، تخلق حالة من القلق والغليان والتوتّر، تجعل من أحد البوّابين المقعدين، كبير البوّابين، من ثمّ يحصل على منصب رئاسة الدولة أيضاً.
ومن خلال مجموعة أبطال الرواية: جمال حميدي، ابراهيم بافولولو، موح بوخنة، أولغا، عصام كاشكاصي، الرجل الضئيل، الكاتب (رجل الشرفة) وإيلاغين، سرد الكاتب سيرة بلدٍ ومجتمع وشعب ونظام حكم استبدادي في الجزائر، وعليه، فإن الحبكة في "سلالم ترولار" لجهة تقاطع حيوات الأبطال ومصائرهم، كانت من المهارة والحرفيّة العالية المليئة بالمفاجآت، ما يجعل هذه الرواية تمتاز بالتشويق في تسلسل الأحداث وتقاطعاتها بشكل لافت.