كريشندو
تاريخ النشر:
٢٠١٨
تصنيف الكتاب:
الناشر:
عدد الصفحات:
٢٦٠ صفحة
الصّيغة:
٢٥٠
شراء
نبذة عن الكتاب
لم أنم منذ البارحة ، لا شئ أصعب من قضاء الليل فى طوارئ مستشفى عام فى القاهرة الأمر أشبه بخلية نحل لا تهدأ لحظة واحدة إلى أن ينتهى الليل على خير أو على حادث سير فى كلتا الحالتين سينتهى اليوم. لم استطع أن أغفل لحظة واحدة على سريرى فى الاستراحة التى تعد أحد وسائل الراحة للأطباء و لولم أكن تعب إلى درجة النوم بلا شعور لما وضعت رأسى فوق هذه الوسادة التى إحتال لون بياضها للأسود فى تلك الغرفة من المبنى القديم عالى السقف إلى درجة ترعبنى لم أعتد هذا العلو أبدا فى حياتى على إرتفاع طابقين أو أكثر و كأنه يريد أن يطبق على هبوطا من أعلى كلما أتذكر علوه أثناء نومى أرتعب و أقوم فزعا علاوة على ضوء النيون القديم الذى يصدر صوت أزيز نحلة لا تكف عن طنينها طوال الليل. أحيانا كثيرة أنسى أنى طبيب و أخاف الموت مثل بقية البشر بالرغم من بلادة ما أحسه حين أرى جثث الموتى تمر من جانبى الى المشرحة و كأنها تماثيل صنعت من شئ آخر غير اللحم و الدم الذى يسرى فى عروقى. لم يكن ذلك هو شعورى فى المرة الأولى التى أشاهد فيها جثة فى المشرحة حين كنت طالبا. و لكن الحال يتغير كما كل شئ حولنا يتغير. ليتهم يتركونى ساعة كى أغفل فيها فوق ذلك المقعد ليت المكتب يخفينى و أصير شبحا ينام بعض لحظات فقط كى لا يموت. بدأ الهزيان " شبحا يموت " ما أبشع الأفكار فى هذه اللحظات و كأننى سكيير شربت خمرا معتقا كهذه الزجاجة التى أخفيها فى درج المكتب عن أعين بيتر كاد يموت حين قلت له أننى رميت زجاجة الديوارس ظنا منى أنها قد فسدت. قفز من مكانه يلطم وجهه قائلا " الله يخرب بيتك إنت عارف إنت نيلت إيه " أحاول أن أتخيل نظرة السعادة التى ستسكن وجهه حين يعرف أننى لم أفرط فى كنزه. لا يستطع أن يأخذ هذه الزجاجة إلى البيت فالدكتوره نيفين زوجته لا تسمح له بمثل هذه الخبائث. بالكاد يمكنك أن تقول عنهما زوجان لكن الحقيقة ما تقوله نيفين " كفايه روحه الطاهرة معانا " و بهذه تعنى حياة مستقلة عنه. أما هو ربما يحب الموت أكثر من زوجته قليلا فإسمها على هاتفه " الغم " مع صوت رنة عبارة عن صوت صارخ و كأنه شبح يبعث من يبوس. مدمنا للخمر و يفرط فيه حتى أثناء العمل. يخفى الزجاجات فى ذلك الدرج دائما و يغلق عليها بقفل ألمانى الصنع و كأنه يضع الجواهر هنا. حين سألته لم يشرب كثيرا و ما سبب حرصه على الخمر بهذه الطريقة المرضية قال " تخيل تصحى كل يوم تلاقى واحدة شبه عمك نايمة جنبك. يا ابنى أنا لولا الشرب كان زمانى انتحرت حرقا فى ميدان عام ".
إضافة تعليق
لم يتم العثور على نتائج