مقامات العذاب
تاريخ النشر:
٢٠٢٠
تصنيف الكتاب:
عدد الصفحات:
١١٧ صفحة
الصّيغة:
٤٠٠
شراء
نبذة عن الكتاب
مهنتي قديمةٌ، قيل أن الله ألهمها غرابا بعثه يُعلّم أول قاتلٍ كيف يواري جثة أخيه، سليلُ حنكة غربانٍ أنا، أقيم على التُّخوم التي لا يطمئن إليها أحدٌ، معي أصعبُ مفتاحٍ لقُفلٍ لا يُفتحُ إلا بأوامر الله، أتوارى في حُجرةٍ تشبه كهف نفسي، قطعةُ حصيرٍ، وطرّاحةُ قُطنٍ هي كلُّ تركة أسلافي، أرتاحُ بعد دأب النهار، خُبزتي من الحنطةٍ جافةٌ أُغمّسُها كلّ عشيّة في الزيت وألوكُ واثقا من طعم اللقمة، ومن رعشة روحي قرب هذه المسحاة، أسامرُ أريج الجنائز، أُفكّرُ، ألحمٌ كلُّ هذا الطين، أم طينٌ كلُّ هذا اللحم؟ ما البذرةُ الجهنميةُ التي ستنبتُ يوما من أحشاء قبر؟
كلّ ليلةٍ، إذا راقت لي الساعةُ، أدعُ الشاي يتخدّرُ في وعاءٍ اسودّ من شدّة اللهب، وألاطفُ مسحاتي، أداعبُها، ماسحا شفرتها اللماعة بأصابعي، أريحُها في حضني، مثل أُمٍّ تُروّي جوع رضيعها، نتجاذبُ أسرار المفاتيح وألغاز أقفالها، مفتونا ببراعتها البسيطة، آن تفتحُ آخر بابٍ لتعود فتُغلّقهُ إلى الأبد!
كلّ ليلةٍ، إذا راقت لي الساعةُ، أدعُ الشاي يتخدّرُ في وعاءٍ اسودّ من شدّة اللهب، وألاطفُ مسحاتي، أداعبُها، ماسحا شفرتها اللماعة بأصابعي، أريحُها في حضني، مثل أُمٍّ تُروّي جوع رضيعها، نتجاذبُ أسرار المفاتيح وألغاز أقفالها، مفتونا ببراعتها البسيطة، آن تفتحُ آخر بابٍ لتعود فتُغلّقهُ إلى الأبد!
إضافة تعليق
لم يتم العثور على نتائج