المستشرق

الكون يدور من حوله، وكأنه سيهوى على أرض مركبهُ الصغير. رياح الشتاء الباردة تهمس في أذنيه مصاحبة هياج البحر الذي يندفع صوب عقله الثائر، يمناه تحمل متاعه واليسرى تتشبث بحافة مركبه الذي يقله للمرة الأولى إلى الهلاك ، أعلامه الإيطالية المثبتة على الحواف تتطاير متزامنة مع شعره الأسود الناعم الذي يتمايل على جبهته الوردية، ويتساقط التالف منه على معطفه الأسود الطويل ليسكن فيه من شدة البرد ، تعطّل المحرك وانسحبت السفينة في حنان وبطء غير معهودين لهذا المحيط. معدوم من عبر به ، مفقود من سلكه عامدا ، هالك لا محالة ،غير مرحوم من سار دربه الذي من هيبته يكاد أن يفتت القلب من مهيب ذاك العجيب ، الكون شظية من شظايا روحه الهامدة ، والبحر شعرة بيضاء من خريف رأسه، لا منزوعة ولا معلومة كأطياف الشمس ، حُرُّ الجبين كمن سبقوه إلى المحيط فظنوا أن نجاتهم به فخانهم،