أغسطس

أغسطس

أسفار العبث

المؤلّف:
تاريخ النشر:
٢٠١٦
عدد الصفحات:
١٣٦ صفحة
الصّيغة:
٥٠٠
شراء

نبذة عن الكتاب

ليلة قاهرية ضل فجرها الطريق، والدّيكة على قمم البنايات الشعبية تحاول الصياح دون جدوى بعدما اختفت حناجرها.
توجّس الليل خيفة من البقاء إلى الأبد في تلك الدنيا، ارتعشت غانيةٌ كانت تحلم بانتهاء عملها والعودة إلى طفلها الوحيد بالمنزل، ذلك الطفل الذي استبدل دموع غياب أمه بقطرات حليب فاضت بها عيناه ولم يعرف مصدرها.
كان حليب تلك الليلة حالك السواد، لكن رجلا في أقصى المدينة كان يبدو وكأنه يدرك ما حدث، وعلى مقهى- يشبه صناديق البريد الخشبية المهجورة في مداخل العمارات القديمة- قرر أن يعترف، لكنه لم يجد بشرًا من حوله، فقرر أن يركب المترو إلى جهة ما لغرض ما.
كان المترو خاليًا إلا من قلة، شبح يشبه المسيح على الصليب، تعجب الرجل من آخر يحمل صليبه مرتحلًا في المترو، وعجوز أخرى ترتل في صمت أغنية حزينة بلا كلمات، ومجموعة شباب صبغت وجوههم قطرات عرق صيفي بصبغة بلا لون، تعجب الرجل من إدراك معناها
ولأن يهوذا مات مظلومًا، ولأن لا مسيح على تلك الأرض، اصطف البشر والليل خلف يزيد، وارتفعت ضحكاتهم حتى تخيلها المؤمنون صياح الديكة، فلا ناموا ولا صلوا.
فقط ارتعد الخوف في القلوب للحظة، أدرك ضعفه المتناهي أمام سواد القلوب المصبوغة بالخيانة، قرر الفرار فلم يجد مكانا.
يقول البعض بعد عشرات السنين- وتحديدًا في شهر أغسطس- إنهم وجدوا القمر قتيلا على ناصية شارع جامعة الدول العربية، وأن الشمس انضمت لرحلة الرياح، وأن السماء سقطت من علٍ فلم تجد سوى قلب الطفل الباكي لتستقر فيه.
الأكيد أن من بقوا ليحكوا لنا هذه القصة ليس فيهم إنسان بالمعنى المعروف.
لم يتم العثور على نتائج