الإحتياطي
دراسة في شعر عبد العزيز محيي الدين خوجة
تاريخ النشر:
٢٠١٣
تصنيف الكتاب:
الناشر:
عدد الصفحات:
٤٠٣ صفحة
الصّيغة:
٥٥٠
شراء
نبذة عن الكتاب
ها أنا أعود إلى المكان الذي أكرهه، نفس الغرفة الكئيبة المتسعة، ذات الرائحة الخانقة، وأرى أمامي هؤلاء، نفس الوجوه التى رأيتها مراراً، رؤوسها المرتخية فوق الأعناق، وشفاهها المتدلية وعيونها الذابلة، ها هي الآن أراها جالسة في نفس مواضعها، وعلى نفس الحال الذي كنت قد تركتها فيها، أجساد تتساند إلى الجدار، وملامح تكتسي بتعبيرات متناقضة، ومن وقت إلى آخر، ينطلق الشرر نفسه من العينين، مثلما تنطلق الدهشة.
نفس الملامح التي أحسها تحفزت كي تهرس عظامي، تطحنها وتعجنها تحت أضراسها، وتتمطي ملتذة بإبتلاع بقاياي. أسمع الآن كلمات لها نبرة خشنة، تتسلل منها عبارات الشماتة، مثلما يتناهى إلى أذنيّ فيض من تنهدات مرتاحة.
لم أصل إلى عنبر سجن الحضرة، إلا بعد أن مررت بحفل إستقبال سخي، كرابيج من جلود العفاريت، وشوم اسطوانية وأسلاك مفتولة، تشريفة انتظرتني، لتقدم واجب الترحيب بالعائد، الذي لم يحتمل الحياة خارج محبسه لأكثر من ساعات معدودة. ما أن عبرت بوابة سور السجن، متخذا مسارا يقودني فيه جندي له جسد هزيل، ويطغى مشهد أسنانه العريضة على معظم ملامحه، حتى وجدت صفين من الرجال يقفون على جانبي الطريق المؤدي إلى باب العنبر، يطلقون ضحكات متناغمة، ثم يهوي أولهم بسوطه على ظهري، فينهال الثاني بعصاه على ساقي، ويلحق به الثالث، بينما تحفزت سياط وعصي أخرى، انهرت ولم أشعر بنفسي إلا وقد تكورت على الأرض، أصيح مستغيثا من حرقة الألم، لكن أرجلهم اندفعت تركل كل جزء في جسمي، وراح بعضهم يطلق صيحة مرعبة وهو يتقافز في الهواء، ثم يهبط بحذائه فوق ظهري الممدد على أرض مدخل السجن. انتشاء باذخ كان يستمد إلتذاذه من درجة انكسار الضحية، ها هو نفس الحفل الذي نصب لي في أول مرة، وللذين يأتون إلى هذا المكان. لملمت أشتاتي وتحاملت على نفسي لأهرب إلى الداخل، لو انتظرت أكثر سيفترسني هؤلاء المغلولون، الذين ما إن يجدوا فريسة أمامهم، حتى ينشبون أنيابهم في لحمها. انتفضت من رقدتي، ورحت أركض متقافزا لأتفادى السياط التي تهوي من حولي، تلك السياط التي تهبط في كل يوم على أجساد ضحاياها دون أن تلتقط أنفاسها مرة، وتركن للراحة، رحت أدور في مراوغة حصان يهرب من صيادين ليحتمي بمصيدة، لكن منذ متى تمكن الحصان المنهك، من فك لجامه؟!
نفس الملامح التي أحسها تحفزت كي تهرس عظامي، تطحنها وتعجنها تحت أضراسها، وتتمطي ملتذة بإبتلاع بقاياي. أسمع الآن كلمات لها نبرة خشنة، تتسلل منها عبارات الشماتة، مثلما يتناهى إلى أذنيّ فيض من تنهدات مرتاحة.
لم أصل إلى عنبر سجن الحضرة، إلا بعد أن مررت بحفل إستقبال سخي، كرابيج من جلود العفاريت، وشوم اسطوانية وأسلاك مفتولة، تشريفة انتظرتني، لتقدم واجب الترحيب بالعائد، الذي لم يحتمل الحياة خارج محبسه لأكثر من ساعات معدودة. ما أن عبرت بوابة سور السجن، متخذا مسارا يقودني فيه جندي له جسد هزيل، ويطغى مشهد أسنانه العريضة على معظم ملامحه، حتى وجدت صفين من الرجال يقفون على جانبي الطريق المؤدي إلى باب العنبر، يطلقون ضحكات متناغمة، ثم يهوي أولهم بسوطه على ظهري، فينهال الثاني بعصاه على ساقي، ويلحق به الثالث، بينما تحفزت سياط وعصي أخرى، انهرت ولم أشعر بنفسي إلا وقد تكورت على الأرض، أصيح مستغيثا من حرقة الألم، لكن أرجلهم اندفعت تركل كل جزء في جسمي، وراح بعضهم يطلق صيحة مرعبة وهو يتقافز في الهواء، ثم يهبط بحذائه فوق ظهري الممدد على أرض مدخل السجن. انتشاء باذخ كان يستمد إلتذاذه من درجة انكسار الضحية، ها هو نفس الحفل الذي نصب لي في أول مرة، وللذين يأتون إلى هذا المكان. لملمت أشتاتي وتحاملت على نفسي لأهرب إلى الداخل، لو انتظرت أكثر سيفترسني هؤلاء المغلولون، الذين ما إن يجدوا فريسة أمامهم، حتى ينشبون أنيابهم في لحمها. انتفضت من رقدتي، ورحت أركض متقافزا لأتفادى السياط التي تهوي من حولي، تلك السياط التي تهبط في كل يوم على أجساد ضحاياها دون أن تلتقط أنفاسها مرة، وتركن للراحة، رحت أدور في مراوغة حصان يهرب من صيادين ليحتمي بمصيدة، لكن منذ متى تمكن الحصان المنهك، من فك لجامه؟!
إضافة تعليق
لم يتم العثور على نتائج