مني

الروتينُ ذاتُه كُلّ يوم، أقومُ بواجباتٍ لا حصر لها، غير أن هذه الواجبات تتشابهُ، وما يُشقيني هو ذاك الشعورُ المفترسُ الذي يظلُّ يُهاجمُني ويُخبرني بأن هذا الكائن الذي يقومُ بالروتين نفسه لستُ أنا! وأنني أقيمُ بين طرفي نقيضٍ! بين الحركة غير الإرادية تحت "سطوة العادة" و"الذّات" الغير مُرتبطة بالواقع، والتي لا تستقرُّ لتستقيم مع الحال، ولو لمرة واحدة! وكأن هذه الذات لا تخضعُ لنظام.
في ظلّ كلُّ ما في هذا الواقع يتغيرُ ويتبدلُ ويستقرُّ بتسارعٍ واستمرارٍ إلا ذاتي! أما من سبيلٍ لفهمها وانصياعها؟ أن توقي لفهمها فاق التّصور، بيد أني متى ما فهمتُها كاد بإمكاني الوصولُ والتحرر.
وأنكُصُ إلى ذاتي المُضّطربة وأسألُها من أين هذه الأفكار، ومن أين جاءت؟ إنها أفكارٌ شرسة، مُضّطربةٌ لا سلطان لي عليها! وهل إن أدركتُها أكونُ قد بلغتُ ووصلت؟ وتُقصى كُل المخاوف والتقلبات والرغبات والنزوات! فمتى تجتمعُ كل هذه الأفكار المتناقضة، المضطربة في منظومةٍ واحدةٍ داخل الذات! فما من أحدٍ يدري كم تُعاني هذه الروحُ المذبوحةُ في سبيل ذلك! ويبقى ذاك الشعورُ بالدّيمومة خارج حدود الزّمان والمكان.