شذرات الصباح

هذا الكتاب الذي بين أيديكم (شذرات الصباح) هو نتاج سنوات طوال قضيتها في تحصيل العلم، والسفر، والعمل، والآن أنقل لكم عصارة أفكاري وبعض خبراتي التي اكتسبتها خلال هذه السنوات.
ففي تلك السنوات درست بالأزهر، وتعددت قراءاتي، وتعلمت وعملت مع مختلف الجنسيات، وامتهنت الإعلام، علاوة على دراسة بعض العلوم الإنسانية كالسياسة وغيرها، لذلك ستجدون في هذا الكتاب خواطر متنوعة تجول في عالم الأدب والفن حينا، ثم تحلق في أجواء السياسة دون أن تغفل أثرهم المباشر وغير المباشر على المجتمع، والتربية، وكافة فنون الحياة التي تمس الإنسان وتحدد ثقافته وحياته.
ولعل سر حبي لهذا الكتاب وحرصي على إيصاله لكل شخص في يده، كونه ثمرة نعمة لطالما نغفل عنها، وكنت أنا أول الغافلين عنها، وبمجرد أن وعيت لها وبدأت في شكر الله عليها واستغلالها، تغيرت جل المفاهيم عندي، وبها زاد شكري لله، وطار عقلي في ملكوته يجول ويصول، فسما فكري وتحركت عاطفتي نحو كل نعمة رزقنا الله إياها ونتعمد أن نغفلها.
كنت أستغرق من بيتي لمقر عملي ما يقارب الساعة، وحالي كحال أي شخص يركز في سطحيات الأمور أتأفف من ازدحام الطرق وأسخط على كل ما هو حولي، إلى أن كان الموقف الذي فرض نفسه علي وكأنه هبة من الله ودعوة مباشرة ألم أقل لكم (وفي الأرض آياتٌ لّلمُوقنين (20) وفي أنفُسكُم ۚ أفلا تُبصرُون ) فهنيئا لمن يتأمل وإذا تأمل تدبر وإذا تدبر انتفع، ولم يقف عند حدود النظر المشهود للعيان، وسما بروحه عائما بين جنبات نفسه يصلح ما أفسده الزمان، ويشكر الله كل لحظة على نعمه.
وهنا كان القرار، دربت عقلي على تلك القيمة العظيمة، فتارة أتأمل في يومي، وتارة في غدي، وكثيرا ما كان عقلي يصول ويجول في الماضي، لأتذكر أمورا وأحداثا كان لها أبلغ الأثر في حياتي.
ثم عند الوصول إلى مكتبي وقبل الشروع في العمل أدون ما كنت أفكر به، وما طرأ على خاطري. فكان هذا الكتاب الصغير الذي أرجوا أن يكون إضافة لكل من يقرأه والله أسأل أن يجعل هذا العمل في ميزان الحسنات.