كاميليا
تاريخ النشر:
٢٠٢٢
تصنيف الكتاب:
الناشر:
عدد الصفحات:
٢٧٤ صفحة
الصّيغة:
٥٠٠
شراء
نبذة عن الكتاب
تفتح مدينة مازغان الشاطئية ذراعيها لكل ساكنيها فالمسلم يجاور اليهودي دون استثناء في العيش والسكن، تتلاطم أمواج البحر كأنها أياد تلوح من بعيد مرحبة بالقاطنين قربه أو بالزوار العاشقين رماله و نوارسه. يقطن اليهودي جنبا لجنب المسلم. تحتضن المدينة كل أبنائها باختلاف مشاربهم وألوانهم وأحلامهم بدفء الأم الرؤوم، العطوف التي تتوجس خيفة على فلذات كبدها من قر الشتاء وحر الصيف. في سبعينيات القرن الماضي عرفت المدينة بهدوئها ورونقها. الحي البرتغالي، قلعة ذات أسوار عالية وأبواب واسعة، تزهو بمآثر تاريخية تعود للقرن السادس عشر. عرف الملاح ببناياته العتيقة و أزقته الضيقة. هلال المسجد يتماهى في السماء و صليب الكنيسة. حي يجسد التسامح والتعايش في أبهى حلله. عاش سكان الحي ردحا طويلا من الزمن بدون عقدة الآخر.لا تنام المدينة ليلا خلال فصل الصيف، يلعب الأطفال الغميضة و يتهافتون، بينما تجلس الأمهات بالحديقة للترويح عن أنفسهن، و لتجاذب أطراف الحديث وتبادل بعض الأخبار التي تروج بردهات الأزقة. وهن جالسات يتحدثن مستمتعات بمنظر القمر وهو في أبهى حلله، إذ بإحداهن تخاطب صديقتها قالتا: هل تذكرين لما كنا نرى الملك محمد الخامس متجليا في القمر؟ تؤكد الأخرى القول و يجرهن الحديث لقصة المرأة التي التحفت بالحايك حاملة قفة وبعد وصولها لسجن الصوار بالملاح طلب منها اسم الشخص الذي ترغب في زيارته، قالت: يحيى. في لمح البصر تعالت أصوات الحاضرين «يحيى الملك، يحيى الملك". في فترة الحماية الفرنسية لعبت المرأة دورا فعالا في مناهضة الاستعمار، حيث كانت النساء تلبسن الجلباب الواسع أو الحايك ويحملن السلاح لإيصاله للمقاومين في غفلة من جنود المستعمر، تبدو هيأتهن كحوامل. حبلن بحب الوطن فشاركن جنبا إلى جنب رجالات المدينة للذود عن وطنهن. كاميليا شابة سمراء البشرة طويلة القامة أنفها يوناني، عيناها واسعتان بلون عسلي ورموش كثيفة ونظراتها رائعة ولامعة. رقبتها طويلة، ولها شامة فوق الشفة العليا تضفي علامة ملفتة وفارقة على ملامحها. شابة متصالحة مع ذاتها، جريئة في حديثها قوية العاطفة والشخصية. تسكن بالملاح على بعد مائة متر من باب البحر، وعلى مقربة من بيت الكاتب الراحل إدريس الشرايبي. تعيش الأسرة ببيت رحب في وسطه نافورة تزهو بمائها العذب، تطوقها نباتات متعددة من ورود وأزهار سيدها مسك الليل. تنوعت الورود من نرجس وسوسن وعباد الشمس وياسمين والتوليب، ذات العمر القصير جدا والتي لا تعيش أكثر من سبعة إلى عشرة أيام. يعبق البيت برائحة كل هذه الأنواع البهية، خصوصا في المساء حينما تطلق نبتة مسك الليل أريجها بعدما تتفتح أزهارها. تجلس الأسرة عادة فـــي البهــو قرب النافورة للسهر. يتسامر الكبار بينما يلعب الصغار أو يستمعون للجدة التي تحكي لهم حكايات ماما الغولة وحديدان ألحرامي وهلم حكايات تسافر بهم إلى أقاصي الخيال، وتجنح بهم إلى بلاد العجائب.
إضافة تعليق
لم يتم العثور على نتائج