محاولة للنسيان
تاريخ النشر:
٢٠٢٢
تصنيف الكتاب:
الناشر:
عدد الصفحات:
٢٠١ صفحة
الصّيغة:
٥٠٠
شراء
نبذة عن الكتاب
بدت تباشير الصباح رمادية في أول الأمر.
فتحت نافذة غرفتي في مواجهة الشمس، أطل منها على قرصها الذي بزغ لتوّه قويًّا ولافحًا، وبسط على الكون الواسع سطوته.
فركت عيني وخرجت للباحة.
ركلت في طريقي نعيم الأعور، الركل هو الطريقة الوحيدة لإيقاظه.
تقلص جسده عدة مرات قبل أن ينهض، فرك عينه المعطوبة بإصبعه، وقام متثاقلًا.
نظرت في ساعتي.
حان موعد السفر.
فتح نعيم فمه الواسع، كاشفًا عن أسنان عريضة كحبات الذرة الصفراء، ثم نهض دون وعي إلى الأمتعة، وأعاد ترتيبها في الزكائب، وأنا واقف بجواره، أراقب الأمتعة التي سآخذها معي.
طبقات الخبز الجاف، زلع السمن البلدي التي أحكمت أمي إغلاقها، بلاص الجبن القديم، قرب المياه النظيفة، السكر والشاي، البُن المحوّج، المعسّل في علب الصفيح، الجوزة والقصبة، الفحم الأسود، الملح والفلفل والشطة، الحشيش وجوز الطيب، زجاجات العرقي المسحوب، أدوية الربو والكحة، لبان الدكر، منقوع الكينا، أكياس مملوءة بطلقات الذخيرة بعيارات متعددة، أجزاء البندقية الآلية المفككة (الكلاشينكوف). مدفع (الجرينوف) المفكك، سائل النيتروجلسرين. قطع المسامير، زيت الزاج الأخضر في زجاجات محكمة الغلق وبودرة الألمونيوم. علب الكريم للنساء، أحمر الشفاه. قمصان النوم الملونة. حمالات صدر.
امتلأت الزكائب الأربع بالأمتعة، والأشياء التي أحضرتها، وضعناها أنا ونعيم الأعور، على جانبي سنام الناقة، ربطناها بالحبال رباطًا قويًّا.
كانت أمي واقفة تنظر إلينا ونحن نربط الأمتعة.
قبّلتُ يدها.
عندما وضعت أمي فمها على يدي، شملتني قشعريرة، عانقتني، بللت دموعها الساخنة وجهي، ثم انخرطت في البكاء!
طوال الليلة الماضية تكلمنا كثيرًا، هي وشقيقتي. وأنا وهي في كل شيء، حاولتا أن تثنياني عن السفر، ولكنني صممت.
فقط كلمة واحدة لا زالت تؤرقني، قالتها أمي دون وعي منها. لم تعلم أن كلمتها ستؤذيني، صحيح أنها حاولت أن تتداركها، أو تخفف من وقعها، ولكنها لم تفلح!
تظاهرتُ بأنني لم أتأثر، مع أنني كنت اشعر بشفرات حادة تمزق أحشائي!
قلت لها:
- الموت واحد والأجل مكتوب، ولا أحد يموت وعمره ناقص!
فتحت نافذة غرفتي في مواجهة الشمس، أطل منها على قرصها الذي بزغ لتوّه قويًّا ولافحًا، وبسط على الكون الواسع سطوته.
فركت عيني وخرجت للباحة.
ركلت في طريقي نعيم الأعور، الركل هو الطريقة الوحيدة لإيقاظه.
تقلص جسده عدة مرات قبل أن ينهض، فرك عينه المعطوبة بإصبعه، وقام متثاقلًا.
نظرت في ساعتي.
حان موعد السفر.
فتح نعيم فمه الواسع، كاشفًا عن أسنان عريضة كحبات الذرة الصفراء، ثم نهض دون وعي إلى الأمتعة، وأعاد ترتيبها في الزكائب، وأنا واقف بجواره، أراقب الأمتعة التي سآخذها معي.
طبقات الخبز الجاف، زلع السمن البلدي التي أحكمت أمي إغلاقها، بلاص الجبن القديم، قرب المياه النظيفة، السكر والشاي، البُن المحوّج، المعسّل في علب الصفيح، الجوزة والقصبة، الفحم الأسود، الملح والفلفل والشطة، الحشيش وجوز الطيب، زجاجات العرقي المسحوب، أدوية الربو والكحة، لبان الدكر، منقوع الكينا، أكياس مملوءة بطلقات الذخيرة بعيارات متعددة، أجزاء البندقية الآلية المفككة (الكلاشينكوف). مدفع (الجرينوف) المفكك، سائل النيتروجلسرين. قطع المسامير، زيت الزاج الأخضر في زجاجات محكمة الغلق وبودرة الألمونيوم. علب الكريم للنساء، أحمر الشفاه. قمصان النوم الملونة. حمالات صدر.
امتلأت الزكائب الأربع بالأمتعة، والأشياء التي أحضرتها، وضعناها أنا ونعيم الأعور، على جانبي سنام الناقة، ربطناها بالحبال رباطًا قويًّا.
كانت أمي واقفة تنظر إلينا ونحن نربط الأمتعة.
قبّلتُ يدها.
عندما وضعت أمي فمها على يدي، شملتني قشعريرة، عانقتني، بللت دموعها الساخنة وجهي، ثم انخرطت في البكاء!
طوال الليلة الماضية تكلمنا كثيرًا، هي وشقيقتي. وأنا وهي في كل شيء، حاولتا أن تثنياني عن السفر، ولكنني صممت.
فقط كلمة واحدة لا زالت تؤرقني، قالتها أمي دون وعي منها. لم تعلم أن كلمتها ستؤذيني، صحيح أنها حاولت أن تتداركها، أو تخفف من وقعها، ولكنها لم تفلح!
تظاهرتُ بأنني لم أتأثر، مع أنني كنت اشعر بشفرات حادة تمزق أحشائي!
قلت لها:
- الموت واحد والأجل مكتوب، ولا أحد يموت وعمره ناقص!
إضافة تعليق
لم يتم العثور على نتائج