سحر ميادة

وما إن ركبنا سيارة الميكروباص من سوهاج، حتّى أخرج الشّابُ الجميلُ من جيبه شريط كاسيت، وقدّمه للسائق وطلب منه أن يقوم بتشغيل الشريط. كان شابًا وقورًا ذا ملامح سمراء، وكانت برفقته زميلته أو ربما قريبته. وما إن رفع السائق صوت الكاسيت حتّى ملأ السّيارة عبق صوت السوريّة السّاحرة ميادة الحناوي، وهي تغني رائعتها "أنا بعشقك". لا أستطيع نسيان تلك الذكرى الّتي مرّ عليها سنوات كثيرة، وكأنّني أستنشق سؤال الشّاب العفيف المختبئ في كلمات العبقري بليغ حمدي. بتحبني ولا الهوى عمره ما زارك. بتحبني ولا انكتب على القلب نارك؟!
ما أجمل نظرات العيون الّتي تقاطرت على جدران عفتها أمطار الحبّ والجمال، وما أجمله من عشق ذلك الّذي يسكن عطره داخل أروقة الرقة والسموّ والدلال.
لقد كانت أغنية أنا بعشقك ثمرة عطاء وإبداع، سكب بليغ في كلّ حرفٍ فيه وفي نغمه سحره وخبرته ورائحته وسناه.