الخزرجي

الخزرجي

المؤلّف:
تاريخ النشر:
٢٠١٥
عدد الصفحات:
١١٤ صفحة
الصّيغة:
٣٥٠
شراء

نبذة عن الكتاب

يتقدم مروان الغفوري على خط تجسير المسافة ما بين الشفاهي والمكتوب، وفي هذا النوع قدر كبير من "التغريب" الحميد، لكنه تغريب أصعب بكثير من ذلك الذي يمكننا مصادفته في المسرح كما عند "برتولد بريخت"، وفي السينما كما عند "فلليني"، ذلك أن أدوات التغريب في المسرح والسينما تتّسع لتعدد العناصر المرئية والمسموعة فاسحة المجال لمناورات بصرية ودلالية سالكة، فيما تغريب النص يتوقف عند تخوم الكلام، وما أدراك ما الكلام
قدّم جابرييل جارسيا ماركيز هذا النمط من التغريب الحميد في ملحمته الروائية بعنون (خريف البطريرك)، وكان كعادته حذرا ومُقلاً، حتى إنه ركّز على الضمائر وتقاطعاتها، فيما توسّل نصا "توراتياً" تنساب فيه العتبات انسياب الشلال المنهمر.
عند الغفوري تباعُد "الهارموني" لحساب ما يُسمى في علم الموسيقى الملحمية ب "الكونترا بونتو". أقصد. التضاد المحكوم بالتقطيع، جعل السارد في تحدٍ مع البنية الكاملة للعمل، فالتشبيك شديد الصعوبة سمة كان لها أن تضع السارد في عسر شديد، وخاصة في بداية الرواية، حيث على القارئ أن "يتذاهن" مع السارد تذاهنا ينتمي للثقافة العالمة، ويضع عراقيل أمام انسياب الحكي. لكنه بعد ذلك ينفرج على سردية رشيقة مترعة بالمفاهيم والأحوال الحياتية.
ولأن الشيء بالشيء يُذكر، ولأني شخصيا أتوسل "فصوص النصوص" في مقارباتي الجمالية، تذكرت الآن المخرج الإيطالي "فيسكونتي" صاحب فلم "روكّو وإخوانه"، وكيف أنه قام بمغالبة التسلسل الأكاديمي في الدراما الكلاسيكية (عرض / عقدة / حل) من خلال تتبع مسارات الأشقاء الخمسة، ضمن توليفة درامية خماسية دائرية ذات صلة بالمكان الواحد والزمان المتعدد.
أرى مثل هذه اللطيفة في تدويرات الغفوري، وفي بالذات حتى إنني أغبط السارد على مغامرته الصعبة. خاصة وأنه تخلّى نسبيا عن جمالية الهرموني كما أسلفت. تلك الجمالية الأسلك والأسهل دوما من جمالية التضاد. خاصة عندما يتصل الأمر بالسرد ومتاهاته.
لم يتم العثور على نتائج