اريب

اريب

المؤلّف:
تاريخ النشر:
٢٠١٧
عدد الصفحات:
٣٠١ صفحة
الصّيغة:
١٠٠
شراء

نبذة عن الكتاب

بدأت السماء تفيض بلونها الأحمر إيذانا بدخول وقت المغرب، وبدأت الشوارع تعج بالسيارات، ونزل الناس جماعات تطوف حول المحلات وأخرى تتوجه إلى المتنزهات. فاليوم الخميس لقاء الأحبة والأصدقاء، ومن خلف هذه الشوارع وهذا الضجيج منطقة هادئة من ضاحية مصر الجديدة حيث يخيم الهدوء، وفى أحد بيوتها الجميلة جلس الأستاذ "أدهم" بجوار الشرفة التى تطل على حديقة منزله ليحتفى مع زوجته بعيد زواجهما والذى مر عليه ثمانية عشر عامًا. نظر إلى البستان ومع نسمة الصيف الجميلة هاجت الذكريات وتفجرت أحداث الماضى وتحول البستان الذى تكسوه الخضرة إلى شاشة عرض تنشر بظلالها وأضوائها صور الماضى عندما ترك قريته متجها إلى القاهرة ليدرس فى كلية الحقوق حيث كان يتوق شوقًا للعيش فى القاهرة لينهل من كل ما فيها من حضارات وثقافات وآفاق واسعة للفكر والعقل، ويحقق طموحاته محاميًا متميزًا ويصقل مواهبه أديبًا وشاعرًا. وتجلت الذكريات عندما تخرّج من الكلية وذهب إلى إخوته ليبيع لهم ميراثه من الأرض ليشترى فى القاهرة قطعة أرض، والتى بنى عليها تلك "الفيلا" وكذلك مكتبًا للمحاماة قريب من وسط البلد، وقتها عارضه عمه "عبد القادر" وهو كبير العائلة وعميدها، وتحت إصراره ورغبته الجامحة وافق العم شريطة أن يستبقى جزءًا من أرضه لتكون - على مدار الزمن والأيام ومهما تغيرت الظروف - همزة من همزات الوصل بينه وبين إخوته وأهله وبلده، وأن يكون له موضع فيها، ولا يحل عليها ضيفًا. وأخذ طيف الذكريات يمر بالأحداث، وبمساعدة كل أهله فى الحصول على مكتبه فى المكان الذى كان يتمناه قريبًا من وسط البلد.
وفجأة غابت شاشة العرض وخرج من خضم الذكريات وأفاق على صوت الطاولة التى تدفعها زوجته إليه محملة بالشاى وقطع الحلوى، أطلت عليه وكأنها قطعة من اللؤلؤ المكنون بكامل زينتها وفنون أناقتها. وضعت المنضدة بينهما وجلست فى الجهة المقابلة له وصمتت لتنتظر منه كلام الإطراء والإعجاب، ولكنه صمت هو الأخر وبعد لحظة صمت قالت:
- فيم تفكر؟ ولم الصمت؟
- أفكر فى هذه المفارقات العجيبة.
- وما تلك المفارقات؟
- كل جديد تمر عليه الأيام فيبلى ويخفق بريقه ويخبو ضوءه إلا أنت.
- كيف؟
- كل يوم يمر عليك يزيدك حسنًا وزهوًا ويملؤك بريقًا وجمالاً.
قالت وهى مستمتعة بهذا الإطراء : -
- وأنت أيضًا، ولكن عندما دخلتُ عليك وجدتك ساهمًا، غارقًا فى التفكير. فيم كنت تفكر؟
- اليوم عيد زواجنا. فقلبت شرائط الذكريات، وقبل أن أصل لأجملها أطللت على فقطعتيها.
- وما هى أجملها؟
لم يتم العثور على نتائج