دخان

تروي رواية "دخان" للكاتب الروسي العالمي "ايفان تورغينيف"، قصة حب بين شاب روسي وشابة روسية متزوجة، وتدور أغلب أحداث هذه الرواية في مدينة بادن بادن الألمانية. يوجه تورغينيف في روايته هذه النقد إلى روسيا والروس في تلك الفترة.
وقد كتب تورغينيف "دخان" في أجواءٍ تحت ظل مرحلة من التحولات التي شهدتها أوروبا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حيث بقيت روسيا القيصرية تحت سيطرة الطبقات القديمة والأفكار المحافظة، وبالمقابل بدأت تظهر في أجواء المثقفين أفكار لم توجد في روسيا، بل كانت موجودة بين المهاجرين، وبهذا صّور تورغينيف جماعات من المهاجرين في مصيف ألماني، كما صوّر المجتمع الأرستقراطي بأناقته ومظاهره الخارجية، كما أظهر الفراغ الموجود فيه وانحلاله في الداخل، كما عرض منتديات أدعياء التحرر، ومناقشاتهم العقيمة وخضوعهم الأعمى للقائد. ومع هذا كله لا يمكن اعتبار رواية "دخان" رواية سياسية، بل هي قصة حب تتقاطع فيها الأحداث السياسية مع أحداث قصة الحب، مستخدما الكاتب أسلوبا أدبيا يعكس فيه أفكار ونماذج حياة تلك الفترة، حيث يقع الشاب لتفينوف الذي سافر ليدرس في حب امرأة أرستقراطية، مع أنه كان مخطوبا لفتاة قريبة له، فتاة طيّبة حنونة، كل شيء كان يشير إلى أن لتفينوف لن يجد لذة الحب مع قريبته تاتيانا، كما وجدها مع إيرينا، والشعب الروسي لن يصنع معجزة بلمح البصر، وإنما عليه أن يتقدم للأمام بالجهد والمثابرة والجدّ.
وتجمع شخصية إيرينا بين الخير والشر حتى تبدو النساء الخيّرات سخيفات وتافهات، أما النساء الشريرات فكأنهن مصنوعات، فإيرينا ترغب في التسامي ورغبتها صادقة، ولكنها تدمر الرجل الذي تحبه، كأنها خلقت لتفسد ولكن الفساد لا يصيبها أبداً.