أرواح هائمة

دخان سجائر يملأ المكان. يد ممددة على حافة أريكة جلدية وأخرى على كتف أسمر عاري. زجاجات نبيذ شبه فارغة، وكؤوس تنتظر بفارغ الصبر لتتأوه تحت شفاه بشرية. صوت موسيقى الجاز آت من حانة ما في الطبقة السفلى من إحدى المباني المستسلمة لزرقة السماء. صوفيا ممددة كثعبان كسول في شمس تموز على رمال صحراوية. شعرها مسترسل على صدرها العاري تغطي نصفه قطعة قماش بنفسجية اللون.ثياب متناثرة كمطر أيلول، الغرفة غارقة في فوضى عارمة. كلبتها كارمونا تلعق ما تبقى من طعام في جوف صحنها منتظرا من يملأه مجددا. ستائرها ترك الزمان بصمته عليها بإصفرار باهت يذكرها بمروره. شتلات ورود ملونة تسبح في صحن زجاجي مبرقع وشمعة أذابت نفسها من غيرتها.
رن جرس الباب رنة واحدة. رن مجددا ثلاث مرات متتالية. فتحت جفناها لضوء الظهيرة الذي إلتهم بؤبؤ عيناها دون استئذان. نظرت نحو ساعة الحائط الصامدة منذ الأبد، المؤنبة لحظات حياة ضاعت في دموع على وسادة. تجذبت كقطة سيامية أرهقها النوم في منزل عجوز صامتة. إرتدت كنزتها وسروالها الفضفاض واتجهت ناحية صوت الجرس.
نظرت من سرّة خاصرة الباب إلى الناحية الأخرى منه. كشبح يختال أمام كاميرا رقمية متباهياً ببهتانه، إنه صديقها دانيال يحوم كفراشة على مصباح كاتب مجنون. فتحت الباب متثائبة ويدها تتمرغ في نعومة شعرها،
-" أهلا دانيال"