طبقات المعتزلة

طبقات المعتزلة

تاريخ النشر:
٢٠١٦
تصنيف الكتاب:
عدد الصفحات:
١٦٣ صفحة
الصّيغة:
٢٠٠
شراء

نبذة عن الكتاب

قد قيل إن منشأ الاعتزال من أصل سياسى،لكن هذه القول- وإن وجدت دلائل قد تؤكده- موضع نزاع وشك فى بعض النقاط عند العلماء، أما أقوال المعتزلة فى المسائل الكلامية فليس فيها لمثل تلك الشكوك مجال، وذلك أن أقوال المعتزلة- وإن كانت صيغتها المتأخرة- جملة قد صاغتها عقلية نظرية فإن جوهرها لا ريب أنه يرجع إلى تدين القدرية،ولهذا فليس عن طريق الصدفة أوالعرض أن أصبحت حلقة الحسن البصرى منبتا للاعتزال، كما قال الأستاذ هـ. ريتر (H.Ritter) فى مجلة «الإسلام» (Der Islam) 21 ص 65: «لم تواصل فيما يبدو تشديد المعاصى الذى كان يستعمله الحسن فرقة غير المعتزلة»،فإنها تلقت تدين الحسن- ولو من الجهة القدرية فقط- وأدامته، فليس مجرد وجهة نظر أهل السنة المتأخرين الذين كانوا اكتسبوا شعورًا بكيانهم من المناظرات الكلامية الجارية بينهم وبين مخالفيهم أن يجوز الجمع بين القدرية والمعتزلة بالذكر،بل يمكن أن يقال إن الاعتزال والقول بالقدر كانا فى أوائل الإسلام مذهبًا واحدًا ولم يكن افتراقهما فيما بعد- إذا اعتبرنا الأصل الجوهرى- إلا ظاهرة تاريخية ثانوية نسبيًا، ومن المعلوم أن مسألة «المنزلة بين المنزلين» كانت كالخط الفاصل بين القدرية والمعتزلة،ولكن مع هذا بقى القول بالقدر أساسًا محكمًا عند المعتزلة حتى المتأخرين منهم فكان يمكن أن يكون الرجل من المعتزلة وهو منسوب إلى إحدى الفرق الأخرى من الرافضة إلى المرجئة وإما أن يكون رجل من المعتزلة منكرًا للقدر أو أن يكون جبريُّ معتزليا فمن المحال.
ومما انفردت به القدرية- فيما بين الفِرق الإسلامية القديمة- أن مسألة الإمامة لم يكن لها عندهم مثل ذلك المكان الرئيسى الذى كان لها عند سائر الفرق، فإن معظم الفرق الأخرى قد أثرت فى تكوينها المناظرات فى تلك المسألة تأثيرًا بالغًا، فلا يتصور وجود أى منها بدونها، فكأن القدرية قد فكت التلازم المكين بين الدين والسياسة أو الأخلاق والسياسة الموجود عند غيرها من الفرق،غير أن القول بالقدر اكتسب بسرعة أهمية سياسية فى ما بعد.
لم يتم العثور على نتائج