عابر يستظل

لقد قمتُ بكتابة سلسلة خواطر "عابر يستظل" و تجميعها في كتابي و مولودي الأول ، لغرضٍ كان في نفسي و قد طال إلحاحه ، و هو أن أُعيد بتساؤلاتي صياغة و نسج معنى لذلك المصطلح الذي سائت دلالته لعصورٍ طوال , في عالمنا العربي الواهن و المغلوب على أمرهِ ، و المتمثل في "الشك" ذلك المصطلح الذي اصطبغ بصبغة الإضطراب و الضعف و الجنون و الهرطقة غير المجدية في شيء ، بل و انه مصطلحٌ يُودي بصاحبه إلى غياهب الجُبِّ و الهلاك المُحقق لا محالة ، و الشك لفظٌ قد بات له وقعٌ مقيتٌ على الأسماع و دلالة كريهة و لكنها محصورةٌ و فقط عند التفكرُ و التأمل في أسباب الوجود و كل ما أتانا من أخبار السابقين ، و ان كان مُفعلاً و بقوة في تفاصيل حياتنا اليومية من معاملات في البيع و الشراء و الحسابات و غيرها من معاملات لا تخلوا من حياة أي فردٍ منا ، فإعمالُ الشكِ في تلك المعاملات المادية فيما بيننا يعمل على خلق غلافٍ حصين حول تلك المُعاملات من الصدمات و الأخطاء الواردة ، و كذلك الحال مع ما يأتينا من أخبار السابقين دون تمييز و ما قد تجذر داخلنا من عاداتٍ و تقاليد قد داومنا على ممارستها بالتواتر جيلاً بعد جيل ، فالشك فيها يخلق حول كلٍ منا ذلك الحصن المنيع و ذلك لكل إنسانٍ بطبعه الحر متسائلٌ متأملٌ مُدركٌ لما وُهب له من عقلٍ فارقٌ ، و لم يرتكن إلى ذلك الخوف المصطنع و الموهوم و الذي أصبح مع الوقت واقعاً في حياتنا التي أصبحت واهنةً بائسة لا روح فيها و لا شغف