مذكرات خمسة وخمسين شهرا في مخبئي

مذكرات يختلط فيها التاريخ بالسيرة لكل مهتمّ ومدرك لقيمة التاريخ ومحاولة قراءته من زوايا مختلفة، فقد حاول محمد شكري الكرداوي مع ابن عمته محمد خليل اغتيال السلطان حسين كامل، لكن المحاولة فشلت، ومع ثورة 1919 وتشكيل محمد سعيد الوزارة تعرّض رئيس الوزراء لمحاولة اغتيال على يد شاب أزهري اعترف أنّ مُحرّضه الرئيس لعملية الاغتيال هو محمد الكرداوي الذي اختفى نهائيا عن الأنظار، ورصدت الشرطة مكافأة خمسمائة جنيه لمن يُدلي بأيّة معلومات عنه.
هذه المذكراتُ تنتمي إلى حقلٍ أدبي أصيل هو السيرة الذاتية، وكاتبُها ناشط وطني في زمانه, تميّزت كتابته لمذكراته بالأسلوب الأدبي، وفضلًا عمّا في مذكراته هذه من أحداث، فإنّها لم تخلُ من تحليلاتٍ اجتماعية خلدونية- إن جاز التعبير- تنمُّ عن وعيٍ عميق بطبيعة المجتمع المصري، ومحاولة فهمه، ومن ثمّ كيفية التعامل مع أكثر فئةٍ من فئاته, وهي فئة العوام.
يحكي الكاتبُ في مذكراته نضاله الوطني من أجل التحرر قبيل ثورة عام 1919م وبعدها، ونظرًا لما أقدم عليه من أعمالٍ كانت مُدانة في وقته، لسيطرة الاحتلال الإنجليزي وأعوانه على مفاصل المملكة المصرية، فإنّه لجأ إلى الاختباء والتخفي لتمرّ العاصفة، ثمّ ظهر بعد أن تمكن سعد باشا زغلول من رئاسة الوزارة
وفي رحلة اختفائه يعرضُ لنا ما يشبه اللوحات المتحركة للمجتمع المصري وعاداته وتقاليده وثقافته واهتماماته.