كما أخبرتني العرافة

كما أخبرتني العرافة

هي لاتُشبه أحدًا.. فهي فريدة

المؤلّف:
تاريخ النشر:
٢٠١٧
عدد الصفحات:
١١٦ صفحة
الصّيغة:
١٥٠
شراء

نبذة عن الكتاب

من جو الرواية

برمهات 1994

"عادة ما يكون السكون التام دلالةً على أن العاصفة تتأهب للمجيء في أي لحظة"..
مسح الحضور الجالسين أمامه بنظرة متفحصة ثم استقر على وجه يبدو أنه يألفه نوعًا ما، فابتسم في ثقة وقال بصوت جهور فاجأ الجميع :
- إني داعٍ فأمنوا، اللهم اضرب الظالمين بالظالمين.. واخرجنا منهم سالمين.. اللهم أصلح ولاة أمورنا.. اللهم أصلح ولاة أمورنا.
سكت لبرهةٍ ثم عاد ينظر إلى نفس الوجه مرة أخرى وقد ازدادت نبرات التحدي على صوته وأردف مكررًا:
- اللهم أصلح ولاة أمورنا.
بخطوات ثقيلة، نزل من على المنبر الشيخ "ياسين" إمام المسجد ويبدو أنه يتمتم بأذكار حتى حاذى الجميع بعضهم بعضًا ووقفوا ثابتين هادئين كأنما على رؤوسهم الطير ينتظرون أن يعلن إمامهم بداية فعله لشيء لينطلقوا يتبعونه في طواعية شديدة.

حركات دراماتيكية مقترنة بأقوال مخصوصة تصحبها راحة نفسية، هكذا يطلقون على الشيء الذي تختلف الأديان أجمعها في هيئتها ولكنهم لا يختلفون في وجودها أم عدمها، ولا يختلفون أيضًا في مسماها، إنها " الصلاة "، سبيل الذين يعتقدون بوجود شيء يستحق العناء لأجله في حياة آخرة بعد الموت، ومأوى أيضًا لمن ضاق ذرعًا من حياته فلجأ لها طمعًا في يسرٍ بعد عسر، وعادة قد اعتاد عليها البعض كروتين يومي لا بد منه. ولكن الجميع يتفق على أن الصلاة هي السُلم الوحيد الذى تعد نهايته في جميع درجاته، فأينما وكيفما ووقتما صعدت تجده، ستجد من تصلي له. فعلى الرغم من اختلاف صلاتهم فإنهم يتفقون على شىء واحد، عين ثاقبة تراقب ما يحدث في هدوء تام، ذلك الذي نصلي له ولأجله.
- كيف حالك شيخ ياسين ؟
لم يقطع ذلك السؤال انهماكه في التسبيح بمسبحة يد لا تفارق معصمه. ابتسم دون أن يرفع رأسه وأكمل ما يفعل في خشوع تام حتى قال ذلك الرجل مجددًا:
- ظننت أنك اشتقت إليَّ فجئت إليك مسرعًا.. نفتقدك ونفتقد أيامنا سويًا..اعتقد أنك لن تنساها أبدًا.
رفع رأسه ياسين ولا تزال الابتسامة تعلو وجهه ليقول:
- لا أعتقد أني أتذكرك فإني ادعوا دائمًا أن يرزقني الله براحة البال وأظن أنكما لا يمكن أن تجتمعا سويًا.
- لم تتغير مطلقًا شيخ ياسين.
- ولكنك تغيرت يا حسن بيه ! صرت أقبح من ذي قبل ؟!
ضحك حسن بصوت عال مما جعل جميع من في المسجد ينظرون نحوه فالتفت في سرعة ناظرًا إليهم في ضجر وغضب ثم أعاد نظره ثانية إلى ياسين الذي لم يحرك ساكنًا، ثم همس في اذنه:
- عندما يأتون بك إليَّ لا أريد أن أرى تلك المسبحة مجددًا.. أظن أنك سمعتني جيدًا.
قام وسار في وسط الجموع وكأنهم يفسحون له الطريق ! فطُول قامته وجسده المترهل ينبئونهم جيدًا بماهيته المخيفة، ظلوا يتبعونه بخوف على عكس إمامهم الذي ظل يتتبعه بنظرات تحد وثقة حتى غاب عن الأنظار تمامًا.
لم يتم العثور على نتائج