النقد الفلسفي

النقد الفلسفي

المؤلّف:
تاريخ النشر:
٢٠١٧
تصنيف الكتاب:
عدد الصفحات:
٢٥٢ صفحة
الصّيغة:
١٥٠
شراء

نبذة عن الكتاب

يمثّل هذا الكتاب عرضا تحليليا لطبيعة النقد الفلسفي، وعلاقته بمشروع التغيير أو ما يسمى بالمشروع النهضوي تارة والمشروع الحضاري العربي تارة أُخرى. وقد اتخذ هذا المشروع من التغيير والتقدّم قضية مركزية، الّتي تتفرّع عنها القضايا والإشكاليات الأُخرى الّتي يدور حولها الفكر العربي الحديث والمعاصر، لتحديد عوامل تعثُّر مشروعه بسبب غياب النقد الفلسفي كقاعدة معرفية لا بد منها لحماية المشروع من عوائقه المعرفيّة والاجتماعيّة الّتي ألمّت به كالانتقائية والتلفيق والتجريبية والنماذج القياسية القديمة.
ولم يكن بإمكان المفكر العربي في عصر النهضة في القرن التاسع عشر الوصول إلى مستوى النقد الفلسفي لنقد معطيات الحداثة الّتي يبحث عنها، لتوظيفها واستعمالها في معركة التقدّم والنهضة وانتشال أمّته من التأخّر التاريخي, أولاً: لضعف الفلسفة أو لغيابها أصلاً؛ إنتاجا وترجمة ووجهة نظر كلّية، وثانياً: لأنّ أيّ نقدٍ لمنظومة الحداثة الليبرالية هو انتقاص من جدارتها وكفاءة مفاهيمها الإجرائية, ولوحصل ذلك لفتح الباب للبحث عن منظومة بديلة، أوتطلّب الأمر العمل على تأسيس منظومة جديدة، ولم يكن بإمكان التاريخ العربي وشروطه النهضوية أن توفر خيارا من هذا القبيل. وعلى هذا الأساس وجد المفكر النهضوي نفسه في موقع المبشر والداعية الّذي يتطلب عمله استكمال نواقص المنظومة المستعارة وسدّ ثغراتها لتسويقها على العامة. ولم يكن مطلوبا من هذا الشعب -كما تتصور النخبة المأخوذة بالمشروع الحداثوي الليبرالي- إلا تبنّي تلك المنظومة وتداولها للتحرك إلى الأمام، وليس التوقف للتأمل في بنيتها التكوينية ومشكلاتها المعرفيّة.
ولذلك لم ينطلق هذا المفكرفي عصري النهضة الأولى والثانية من نقد الذات والواقع والتراث أونقد الآخر في واقعه التاريخي, بل انطلق من تبنّي نموذج مجرّب تجاوز اختبار النقد الفلسفي في الغرب لترويجه والدفاع عنه.
آمن المفكر النهضوي بالقدرة السحرية للكلمة، على إجراء التحول الاجتماعي، فقد كان التقدم هاجسه الأساسي الّذي لا يُعنى بتأصيل الأفكار ما دامت نافعة وقابلة للاستعمال في مشروع التغيير, ولم يستشعر أهمية النقد إلا عند الحاجة إليه لغايات نفعية مباشرة , حيث اكتشف غيابه واستحالة استرجاعه في بنية معرفية طاردة للنقد والتساؤل، وبقيت معنيّة بالتركيب بلا تحفُّظ, ولا يأتي هذا التحفظ إلا من منظومة نقدية مراقبة لأداء الذات والآخر، فدخل مرحلة التوفيق بين المتناقضات، لعدم قدرته على الحسم؛ أي رفض ما هو مفارق وخلافيّ في مجتمعه التقليدي، أو قبوله. وأقصى درجات فاعليته وفعله هو عمليات التأويل والتكييف المعرفي للمعطى الجديد، للسماح بتمثُّله وقبوله، وهي عمليات خجولة لا ترقى إلى مرتبة النقد الفلسفي. وكذلك عكست السجالات الفكريّة -منذ القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين- ثقة مفرطة بالذات التراثية، ووثوقية لا يسوّغ وجودها وحدّتها إلا غياب النقد الفلسفي؛ أي القدرة على طرح الأسئلة الكبرى والشك في المعطيات والتوجُّهات القائمة, وأخيرا تغّلب العقل النصي التقليدي على الشك والتفكير النقدي عند الرواد الأوائل كعلي عبد الرازق وطه حسين وقاسم أمين وغيرهم، وأعاد الأمور إلى التقليد والنصية.
وبقيت الأمور على هذا النحو حتى جاءت هزيمة حزيران لتفتح الباب على مصراعيه للنقد والمساءلة وجلد الذات, فقد اهتزت مسلّمات الفكر العربي وبناه المعرفيّة والاجتماعيّة والسياسية، وكانت شرطا أوّليا لا داعي له لانطلاق النقد الفلسفي الّذي تجاوز جلد الذات أو ما يسميه عبد الله بلقزيز بالنقد العصابي الدائر في نطاق الإيديولوجيا.
تمثّلت النقلة النوعية للنقد الفلسفي بكتابات عبد الله العروي الأُولى، وبخاصة الإيديولوجية العربية المعاصرة، الّذي تُرجم عن الفرنسية إلى العربية بعد الهزيمة بوقت قصير. ومنذ ذلك الوقت انبرى النقد الفلسفي في الفكر العربي المعاصر لنقد الواقع والتراث والحداثة وما بعد الحداثة.
لم يتم العثور على نتائج